المـــقدمــة
إن النظام الجبائي أو بالأحرى جباية المحامي تندرج ضمن الإطار العام المتعلق بجباية المهن الحرة والتالي فإنه يتجه قبل التطرق إلى خصوصيات هذا النظام إيجاد تعريف قانوني للأنشطة التي تمارس فيها مهنة المحاماة ونعنى بذلك المهن الحرة.
فقد عرف المشرع التونسي من خلال أحكام الفصل 21 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بأنه: " تعتبر متأتية من تعاطي مهنة غير تجارية الأرباح التي يحققها أصحاب المهن الحرة وأصحاب الوظائف والأعمال الذي ليست لهم صفة تاجر وكذلك الأرباح الناتجة عن أشغال أو إستغلالات غير تجارية غايتها الربح "
وبالرجوع إلى أحكام هذا الفصل يتضح أن المهن الحرة تمثل صنف من أصناف الأنشطة غير التجارية بإعتبار أن هذه الأخيرة تشمل زيادة إلى المهن الحرة، أصحاب الوظائف والأعمال الذين ليست لهم صفة تجار وكذلك الأرباح الناتجة عن أشغال أو إستغلالات غير تجارية غايتها الربح.
وسنسعى من خلال دراسة هذا الفصل إلى تحديد مختلف هذه الأنشطة غير التجارية حتى يتسنى لنا الوقوف على خصوصيات النظام القانوني المنطبق على كل واحد منها إن وجد.
فالمهن الحرة يمكن تعريفها بأنها تتعلق بتلك المهن التي يلعب فيها النشاط الذهني أو الفكري دورا أساسيا والتي تستوجب الممارسة الشخصية بكل حرية وإستقلالية لنشاط علمي أو فني، فالحرية تتجسم بالنسبة لهذه الأنشطة في كيفية مباشرتها وتعاطيها من قبل أصحابها الذين لا يخضعون في إطار الاضطلاع بها إلى سلم إداري أو إشراف لجهة معينة.
أما الإستقلالية فهي تتمثل في غياب الإرتباط مع سلطة أو نفوذ أو مصلحة محددة خارج إطار المهمة التي قبلها المحامي.
فبالإعتماد على هذا التعريف فإن عبارة "المهن الحرة" تشتمل أو تغطي :
- المهن الطبية وشبه الطبية: أطباء، جراحين، ممرضين، مستغلي مخابر التحاليل الطبية إلخ.....
- المهن القانونية: المحامين، مراقبي حسابات، مستشارين قانونيين وجبائيين، وسيط ديواني إلخ...
- المهن التقنية: مهندسين، محاسبين وخبراء محاسبين إلخ .....
- المهن الفنية والأدبية: تشمل على الفنانين بمختلف إختصاصاتهم، كتاب، ملحنين، متعهدي حفلات إلخ....
أما في خصوص أصحاب الوظائف والأعمال:
فإنه يندرج ضمن هذا الصنف كل شخص ليس له صفة تاجر مثل عدول الإشهاد وعدول التنفيذ. وفي الأخير وفي ما يتعلق بالأرباح الناتجة عن أشغال أو إستغلالات غير تجارية غايتها الربح فإنه يندرج في هذا الصنف المداخيل المتأتية من الأشغال أو الإستغلالات التي يكون غايتها الربح والتي لا يمكن أن تندرج في اي صنف آخر من المداخيل وتشتمل على الأرباح التالية:
- مداخيل حقوق التأليف المتأتية من المؤلفات الأدبية والفنية.
- العمولات المتحصل عليها من شركات التأمين.
- المرابيح المتأتية من إستغلال أصحاب مدارس تعليم السيارات الذين يؤمنون بأنفسهم دروس التعليم وبشرط أن تكون على ملكيتهم سيارة تعليم واحدة وذلك حتى في صورة تشغيلهم لمدرب تعليم واحد أو أكثر.
- المرابيح المتأتية من إستغلال مؤسسات التعليم الخاص، رياض أطفال أو حضانة.
- المداخيل التي يحققها الممثلين التجاريين الذي ليست لهم صفة تاجر أو أجير والذي يتحملون أعباء الإستغلال بصفة مستقلة.
- المرابيح التي يقع تحقيقها من قبل المنجمين.
- المرابيح التي يقع تحقيقها من قبل المرشدين السياحيين بشرط أن يستغلوا نشاطهم بصفة مستقلة.
- التأجيرات التي يتحصل عليها المترجمين.
ونتبين من هذا الفصل بأن أرباح المهن غير التجارية وإن كانت تختلف في التعريف فإنها على العكس من ذلك تتحد في النظام الجبائي الواجب تطبيقه. وسوف نتناول بالدرس في إطار هذه المحاضرة خصوصيات النظام الجبائي التونسي المنطبق على مهنة المحاماة سواء تمت ممارستها في الإطار الفردي التقليدي أو إطار شركة مهنية بموجب القانون عدد 65 لسنة 1998 المؤرخ في 20 جويلية 1998 والمتعلق بالشركات المهنية للمحامين . كما أننا سوف نعسى إلى إبراز خصوصيات النظام الجبائي لكل إطار قانوني من أطر ممارسة المهنة والذي من شأنه أن يحدد أو يؤثر على إختيار المحامي الممارس لمهنة المحاماة بهذا الشكل أو ذاك. لكن قبل التطرق إلى مختلف جوانب هاته الدراسة فإن السؤال الذي يستوجب طرحه هو هل أن قانون المهنة والقانون الجبائي التونسي خصوصا يحدد بصفة واضحة النظام الجبائي من حيث تحديد المداخيل وتحديد الربح الخاضع للضريبة أم لا؟ وهل أن التقديرات التي تلجؤ إليها الإدارة في بعض الحالات معتمدة في ذلك على القرائن القانونية والفعلية تعكس بصفة جلية الوضعية الجبائية الحقيقية لممارسي هذه المهنة ؟ إن الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها من الإشكاليات الأخرى تؤول بنا إلى بيان النظام الجبائي المنطبق على المحامي الذي ينشط بصفة فردية (جزء أول) لنتطرق في ما بعد إلى دراسة النظام الجبائي المنطبق على الشركات المهنية للمحامين (جزء ثاني).
الجـــــــــزء الأول
النظام الجبائي للمحامي الممـارس للمهنة بصفة فـردية
قسم أول: تحديد الواجبات الجبائية المحمولة على المحامي
قبل التطرق إلى عرض النظام الجبائي المنطبق على المحامي فإننا سوف نتعرض إلى تحديد الواجبات الجبائية المحمولة على المحامي في إطار ممارسة نشاطه المهني.
ويتجه التذكير في هذا السياق بأن أغلب هذه الواجبات محمولة على المحامي سواء كان يمارس المهنة في إطار فردي أو في إطار شركة مهنية بإستثناء بعض الخصوصيات التي سوف يقع توضيحها في إبانها.
فقرة أولى: واجب إيداع التصريح بالوجود:
إن من أول الواجبات الجبائية التي يقوم بها المحامي هو إيداع تصريح بالوجود وهو يتمثل في إكتتاب تصريح يتم إيداعه لدى مكتب مراقبة الأداءات الراجع له بالنظر مكتب المحامي تحدد فيه إدارة الجباية تاريخ بداية النشاط المهني لهذا الأخير، ويتم فيه تحديد مختلف الأداءات والمعاليم المستوجبة.
إذ نص الفصل 56 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بأنه: "يتعين على كل شخص يتعاطى نشاطا صناعيا أو تجاريا أو مهنة غير تجارية وكذلك على كل شخص معنوي مشار إليه بالفصل 45 من هذه المجلة قبل أن يبدأ نشاطه أن يودع بمكتب مراقبة الضرائب الراجع له بالنظر تصريحا في وجوده حسب نموذج معد من قبل الإدارة................. ويرفق هذا التصريح :...... - بنسخة من شهادة المصادقة أو الترخيص الإداري عندما يكون النشاط أو المحل الذي يباشر فيه خاضعا لرخصة مسبقة"
بالنسبة للمحامي الذي يودع تصريحه بالوجود فأنه مطالب بمد إدارة الجباية بنسخة من قرار الترسيم، صحبة نسخة من عقد تسويغ مكتبه، أو شهادة ملكيته إذا كان المكتب على ملكه، أو شهادة محررة من محام آخر يسمح فيها للأول بممارسة المهنة بمكتبه.
إلا أن الإشكال طرح حول ما إذا كان واجب إيداع التصريح بالوجود محمولا على المحامي المتمرن أم لا، وقد طرح هذا السؤال في إطار طلب توضيح على الإدارة العامة للمراقبة الجبائية، والتي أكدت ضمنه بأن واجب إيداع التصريح بالوجود أو بدء النشاط محمول في حقيقة الأمر على المحامي منذ دخوله إلى المهنة وترسيمه بالقسم الثالث من الجزء الأول من جدول المحامين، أي منذ تاريخ ترسيمه كمحامي متمرن.
ويجد واجب إيداع التصريح بالوجود المحمول على المحامي المتمرن تبريره في أن هذا الأخير ليس له ما يعفيه من هذا الواجب، ضرورة وأنه بإمكانه الترافع والنيابة بإسمه الخاص، إضافة إلى القضايا التي بإمكانه النيابة فيها بإسم المحامي المشرف على التمرين، وهو بهذا العنوان يحقق مداخيلا تجعله منطقا وقانونا خاضعا لنفس النظام الجبائي المنطبق على بقية أصناف المحامين المباشرين، وذلك بالرغم من أنه لا يمارس المهنة في مكتب خاص به إذ أنه وفي منظور القانون الجبائي فإن العبرة بطبيعة النشاط الممارس من جهة، وبالإستقلالية القانونية من جهة أخرى، وهي تتوفر عندما ينوب المحامي المتمرن في قضايا لحسابه الخاص.
فقرة ثانية: واجب إيداع التصاريح الشهرية:
يخضع المحامي عند مباشرته لنشاطه لواجب التصريح بمداخيله إلا أن هذا الأخير ولأن كان واجب التصريح به سنويا فهناك جملة من الأداءات والمعاليم مستوجبة شهريا ويتعلق الأمر بـ:
1- الأداء على التكوين المهني:
الفصل 35 من القانون عدد 101/2002 المؤرخ في 17 ديسمبر 2002 المتعلق بقانون المالية لسنة 2003 وسع في ميدان تطبيق الأداء على التكوين المهني حيث أصبح هذا الأداء يشمل الأشخاص المعنويين والأشخاص الطبيعيين الذي يمارسون مهنة غير تجارية.
لذلك فإنه بداية من شهر جانفي أصبح المحامي يخضع إلى الأداء على التكوين المهني.
أما قاعدة هذا الأداء فهي المبلغ الجملي للمداخيل بما في ذلك المنافع العينية، تطبق عليها نسبة 2% .
2- المعلوم على النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء:
هذا المعلوم تم إحداثه بمقتضى القانون عـ77-54ـدد المؤرخ في 3 أوت 1977 و يهدف إلى إعانة الأجراء عن طريق تمويل صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء وقد حددت نسبته بـ 1% من مبلغ الأجور الخام بما في ذلك من منافع عينية.
3- المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية:
يستوجب هذا المعلوم على المحامين وذلك بمقتضى الفصل 35 من مجلة الجباية المحلية الصادرة بمقتضى القانون عـ11ـدد سنة 1997 المؤرخ في 3 فيفري 1997 الذي نص على ما يلي: " يستوجب المعلوم ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على: الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية وأرباح المهن غير التجارية،..."(1)
كما جاء بالفصل 37 فقرة 2 من مجلة الجباية المحلية: " يحتسب المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على أساس رقم المعاملات المحلي الخام".
وحسب الفصل 38 من نفس المجلة حددت نسبة هذا المعلوم بـ 0،2 % ولا يمكن أن يقل عن حد أدنى حدد بنفس الفصل.
كما نص الفصل 39 على أن هذا المعلوم يدفع إعتمادا على تصريح حسب نموذج توفره الإدارة يتضمن خاصة عنوان المقر الإجتماعي للمؤسسة والمعرف الجبائي و رقم المعاملات المحلي الخام ويودع التصريح لدى قباضة المالية خلال الخمسة عشر يوما الأولى من الشهر الموالي للشهر الذي أنجز خلاله الدخل.
4- الأداء على القيمة المضافة:
يخضع المحامي للأداء على القيمة المضافة بمقتضى الفصلين 1و2 من مجلة الأداء على القيمة المضافة.
إذ نص الفصل 1-1 من مجلة الأداء على القيمة المضافة : "تخضع العمليات المنجزة بالبلاد التونسية... للأداء على القيمة المضافة مهما كانت أهدافها ونتائجها ما دامت... أو تتعلق بإحدى المهن الحرة...".
ونص الفصل 2 من نفس المجلة: "يعتبر خاضعين للأداء على القيمة المضافة ويوظف عليهم هذا الأداء: "الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون الذين : ينجزون العمليات المشار إليها بالفقرة 1 وبالفقرات الفرعية من 2 إلى 8 من الفقرة الثانية من الفصل الأول أعلاه "
كما نص الفصل 7 من مجلة الأداء على القيمة المضافة: "تخضع للأداء على القيمة المضافة: ... بنسبة 12% (2)العمليات المتعلقة بالمنتوجات والأنشطة والخدمات المذكورة بالجدول "ب مكرر" المدرج بالملحق(3) وبالرجوع إلى هذا الجدول نجد أنه ذكر المحامين من بين الأنشطة والخدمات الخاضعة للأداء على القيمة المضافة بنسبة 12%".
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الخصم من المورد وإن كان طابعه شهري فإنه سوف يقع دراسته بصفة مستقلة نظرا لخصوصية هذا المعلوم.
أما في خصوص التصريح بهاته الأداءات الشهرية فإنه يقع القيام بها من خلال تصريح يودع خلال الخمسة عشر يوما من الشهر الموالي للشهر المستوجب بعنوانه ذلك الأداء بالنسبة للمحامين المباشرين بصفتهم كأشخاص طبيعيين وخلال الثمانية والعشرين يوما من الشهر الموالي للشهر المستوجب بعنوان تلك الأداءات بالنسبة للشركات المهنية. فقرة ثالثة: واجب إيداع تصاريح الأقساط الإحتياطية:
نص الفصل 51 من مجلة الضريبة على الدخل: "I... يطالب الأشخاص الخاضعون للضريبة على الدخل المتعاطون لنشاط تجاري أو لمهنة غير تجارية بدفع ثلاثة تسبقات تسمى "أقساطا إحتياطية" وذلك بعنوان الضريبة المستوجبة على مداخيلهم أو أرباحهم الجملية.II تستخلص الأقساط الإحتياطية التي تدفع إبتداءا من السنة الثانية للنشاط حسب دفوعات يساوي كل واحد منها 30% من الضريبة المستوجبة بعنوان مداخيل أو أرباح السنة السابقة". وتعتبر الأقساط الإحتياطية تسبقة على الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، تدفع إبتداء من السنة الثانية من النشاط، ويبلغ القسط الواحد من الأقساط الثلاثة المستوجبة قانونا مقدار ثلاثين بالمائة من مبلغ الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات المستوجبة بعنوان السنة السابقة.
وتودع التصاريح المتعلقة بالأقساط الإحتياطية في آجال مختلفة، أجل الأول منها يحل في الخامس والعشرين من الشهر السادس، والثانية منها في الخامس والعشرين من الشهر التاسع، والثالثة منها في الخامس والعشرين من شهر الثاني عشر التي تلي تاريخ ختم السنة المالية وتجدر الإشارة إلى أنه بمناسبة إيداع التصريح السنوي بالدخل أو بالأرباح بعنوان السنة الثانية من النشاط وما يليها، يطرح، وفي إطار التسوية، مقدار الأقساط المدفوعة من مبلغ الضريبة المستوجب الدفع.
ويتضح أن تقنية الأقساط الإحتياطية مثلها مثل الخصم من المورد هي طرق لإستخلاص الأداء بصفة مسبقة يخضع لها شخص المحامي سواء مارس المهنة بصفة فردية أو في إطار شركة مهنية للمحامين.
فقرة رابعة: واجب القيام بالخصم من المورد:
الخصم من المورد ليس أداء في حد ذاته بل هو طريقة لدفع الأداء كرسها المشرع لتحسين إستخلاص الأداء. ويخضع المحامي بإعتباره شخصا طبيعيا خاضعا للضريبة على الدخل أو في إطار ذات معنوية خاضعة إلى الضريبة على الشركات إلى واجب الخصم من المورد وذلك بعنوان بعض أصناف المبالغ التي يقوم بدفعها والمنصوص عليها بالفصلين 52 و53 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.
ويتمثل الخصم من المورد في هذا الإطار في خصم مالي يقوم به الشخص الطبيعي الخاضع إلى الضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي، أو الذات المعنوية الخاضعة إلى الضريبة على الشركات، على بعض أصناف المداخيل والمقادير المالية التي يقوم بدفعها إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين آخرين خاضعين إلى إحدى هاتين الضريبتين.
أ- الخصم من المورد بعنوان المرتبات والأجور:
يخضع المحامي إلى واجب القيام بالخصم من المورد على الأجور والمرتبات التي يقوم بدفعها إلى أجرائه من كتبة وسكرتيرات وغيرهم.
ويجب التفريق في هذا الإطار بين حالتين إثنين: حالة المحامي الذي يستعمل نظام تأجير بالإعلامية – وهي حالة نادرة في الواقع بالنظر إلى قلة عدد الأجراء بالنسبة للمحامي الواحد وهو ما لا يبرر من ناحية الجدوى اللجوء إلى إستعمال نظام تصرف في الأجور بالإعلامية- وبين حالة المحامي الذي لا يستعمل الإعلامية، في الحالة الأولى يساوي الخصم من المورد الواجب القيام به بالنسبة لكل خلاص أجر، الضريبة السنوية المحتسبة حسب أحكام مجلة الضريبة على الدخل مع إعتبار وأن الأجير المعني بالأمر لا يتقاضى من دخل آخر سوى مرتبة مقسومة على عدد خلاصات الأجر.
وأما في الحالة الثانية فإن الخصم من المورد الواجب القيام به بعنوان الأجر يساوي مبلغا محددا بصفة مباشرة حسب جدول معد من طرف الإدارة.
ب- الخصم من المورد بعنوان الأكرية:
جاء بالفصل 52 – I (جديدة) من مجلة الضريبة على الدخل ما يلي: " تكون الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات محل خصم من المورد حسب النسب التالية: أ- 15% بعنوان الأتعاب والعمولات وأجور الوساطة والأكرية... المدفوعة من قبل الدولة والجماعات العمومية والأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي والأشخاص المعنويين الخاضعين للضريبة على الشركات...."
وحيث أن المحامي يكون ملزما بناء على الفصل المذكور بإجراء خصم من المورد بعنوان الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات (حسب الطبيعة القانونية للمالك وحسب نظامه الجبائي) على معينات الكراء التي يقوم بدفعها إلى مالك المحل الذي تتم فيه مباشرة المهنة، ويتم الخصم في هذا الإطار بنسبة 15% من معين الكراء المتفق عليه أو المضمن بالعقد وبمناسبة كل عملية دفع، إذ أن الحدث المنشأ للخصم من المورد كواجب جبائي يتمثل في عملية الدفع نفسها، وتؤدي عملية الخصم بصفة وجوبية إلى تسليم المسوغ الذي خضع له شهادة في الخصم من المورد محررة وممضاة من طرف المتسوغ أي المحامي، وتخول له (أي المسوغ) هاته الشهادة طرح مقدار الخصم من مقدار الضريبة المستوجبة عند إيداعه لتصريحه السنوي بالدخل.
ويدفع الخصم من المورد الذي تم القيام به إلى قباضة المالية المختصة ترابيا وذلك في أجل خمسة عشر يوما الأولى من الشهر الموالي للشهر الذي تم فيه الخصم بالنسبة للاشخاص الطبيعيين، ولا يطبق واجب الخصم من المورد على الأكرية إلا على المحامي الخاضع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي
وحيث رتب الفصل 83 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية خطية جبائية إدارية تساوي المبلغ الغير المخصوم أو مبلغ الخصوم المنقوصة على كل شخص لم يقم بخصم الأداء من المورد طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل أو قام به بصفة منقوصة وتضاعف هذه الخطية في صورة العود خلال سنتين.
كما نص المشرع ضمن الفصل 92 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية على عقوبة جبائية جزائية إذ جاء فيه : " يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة عشر يوما وثلاث سنوات وبخطية تتراوح بين 1000 دينار و 50000 دينار كل شخص قام بتوظيف الأداء على القيمة المضافة أو المعلوم على الإستهلاك أو الأداءات غير المباشرة الأخرى المستوجبة على رقم المعاملات أو قام بخصم الأداء على المورد ولم يتول دفع المبالغ المستوجبة لفائدة الخزينة في أجل ستة أشهر إبتداءا من اليوم الأول الموالي لإنتهاء الأجل المحدد لدفع وذلك علاوة على دفع أصل الأداء والخطايا المنصوص عليها بالفصول من 81 إلى 86 من هذه المجلة"
ج- الخصم من المورد الذي تخضع إليه أتعاب المحامي:
إن الأتعاب التي يتقاضاها المحامي مقابل الأعمال التي قام بها تكون محل خصم من المورد طبقا لأحكام الفصل 52 فقرة 1 من مجلة الضريبة على تم تنقيحه بمقتضى الفصل 59 من قانون المالية لسنة 2005 التي أصبحت بموجبه نسبة الخصم من المورد 15 % بالنسبة للمحامي الخاضع للنظام الدخل التقديري و5% بالنسبة للمحامي الخاضع للنظام الحقيقي لتحديد الربح الصافي.
وقد جاء في شرح الأسباب الواردة بمشروع قانون المالية لسنة 2005 أن هذا الترفيع في نسبة الخصم من المورد يندرج في إطار مزيد تحسين مردود الأداء.
وفي هذا المجال تتجه الإشارة إلى أن تحديد نسبة الخصم من المورد بـ 15% تعد نسبة مرتفعة ومن شأنها أن تخلق وضعيات غير واقعية ومتسمة بالشطط إذ أنها تؤدي إلى إثقال كاهل بعض المحامين الذين لا تغطي الضريبة المستوجبة من طرفهم مبلغ الخصم من المورد مما يؤدي إلى إفراز فائض أداء قد يكون من الصعب المطالبة بإسترجاعه خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار من الناحية العملية أن مطلب الإسترجاع الذي يقع تقديمه لإدارة الجباية يقترن أو يفترض وجوبا إجراء مراجعة جبائية معمقة.
لنضرب مثالا على ذلك: نفترض أن محاميا مباشرا خاضعا للضريبة على الدخل حسب النظام التقديري حقق في سنة 2007 دخل خام قدره 10.000 دينار متأتية في أغلبها من شركات.
وبما أن المورد التي يتم منه الخصم هو الأتعاب أو المداخيل الخام يعنى بما في ذلك الأداء على القيمة المضافة، فإن مبلغ هذا الخصم بنسبة 15% هو 1.500 دينار في حين أن الضريبة على الدخل المستوجبة بعنوان هذه المداخيل هي كالآتي:
- تحديد الربح الصافي:
10.000د x 70% = 7.000 دينار أي بعد طرح الأعباء المحددة بصفة تقديرية بـ 30%.
- الضريبة على الدخل المستوجبة دون الأخذ بعين الإعتبار للتخفيضات المشتركة: 0 1.500 : 0% = 0 1.500 5.000 : 15% = 525 دينار 5.000 0.000 : 20% = 400 دينار (2000) الجــــــــــــــملة = 925 دينار إ ذن تكون نسبة الخصم من المورد أكثر إن لم نقل تقريبا ضعف الضريبة المستوجبة وبالتالي فإن مراجعة هذه النسب ضرورة تفرضها الوضعية المالية المتدهورة لأغلب المحامين المباشرين للمهنة وبالأخص منهم المحامين المتمرنين.
فقرة خامسة: واجب مسك المحاسبة:
إن الواجبات المحاسبية تجد أساسها القانوني صلب أحكام الفصل 62 – I من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات الذي نص على ما يلي: "يلزم الأشخاص المعنوين المنصوص عليهم بالفصل 4 وبالفصل 45 من هذه المجلة والأشخاص الطبيعيون الخاضعون للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية أو أرباح المهن غير التجارية وكل شخص طبيعي يختار الخضوع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات."
وبالتالي فإن واجب مسك المحاسبة طبقا للتشريع المحاسبي الجاري به العمل (القانون عدد 112 لسنة 1996) المتعلق بالنظام المحاسبي للمؤسسات ينطبق أولا على المحامين الأشخاص الطبيعيين، المباشرين للمهنة بصفة فردية والذي تحدد أربحاهم الصافية حسب النظام الحقيقي طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 22 من مجلة الضريبة على الدخل، كما تنطبق أيضا على جميع شركات المحامين سواء منها الخاضعة للضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين أو للضريبة على الشركات.
وتتمثل الوثائق الحسابية القانونية طبقا للفصل 11 من القانون عـ112ـدد لسنة 1996 المؤرخ في 30-12-1996 والمتعلق بالنظام المحاسبي للمؤسسات في: الدفتر اليومي، دفتر الحسابات ودفتر الجرد إضافة إلى ميزان الحسابات.
ويخضع مسك البعض من هاته الوثائق الحسابية إلى جملة من الشروط الشكلية، إذ أنه وعملا بالفصل المذكور أعلاه فإن كل من الدفتر اليومي ودفتر الجرد يجب أن يكونا مرقما ومؤشرا عليه من قبل كتابة المحكمة الإبتدائية التي يمارس بدائرتها المحامي أو شركة المحاماة المهنية، أو أي سلطة أخرى مؤهلة لذلك بمقتضى تشاريع خاصة. ويمكن مسك المحاسبة بواسطة الإعلامية، إلا أن ذلك مشروط من الناحية الجبائية بواجب إيداع نسخة من برنامج المحاسبة الإعلامية على أشرطة مغناطيسية أو على إسطوانات إعلامية لدى مركز أو مكتب مراقبة الأداءات الراجع له بالنظر ترابيا المحامي وذلك مقابل وصل تسليم، مع ذكر نوع المعدات الإعلامية المستعملة ومكان تركيزها وكل تغيير يطرأ على المعطيات المتعلقة بها(4).
وقد جاء قانون المالية لتصرف 2005 لمزيد توضيح الواجبات المحاسبية بالنسبة للأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة حسب النظام الحقيقي فنقح الفقرة الأولى الفصل 62 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.
إذ كانت الفقرة الأولى من الفصل 62 في صيغتها القديمة كما يلي: " تلزم الشركات والأشخاص المعنويون الآخرون مهما كان نوعهم وشكلهم القانوني وغرضهم وكذلك كل شخص طبيعي خاضع للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات"
وأصبحت الفقرة الأولى من الفصل 62 بعد تنقيحه بموجب قانون المالية لتصرف 2005 تنص على ما يلي " يلزم الأشخاص المعنويون المنصوص عليهم بالفصل 4 و45 من هذه المجلة والأشخاص الطبيعيون الخاضعون للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية أو أرباح المهن غير التجارية وكل شخص طبيعي يختار الخضوع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات"
قد يفهم من الصغة الجديدة للفصل المذكور أن المحامي كصاحب مهنة غيرة تجارية أصبح يخضع لواجب مسك محاسبة سواء إعتمد النظام الحقيقي او التقديري طالما أن الفصل يتحدث عن أصحاب المهن الغير التجارية بصفة عامة ثم يضيف وكل شخص طبيعي يختار الخضوع للنظام الحقيقي لكن هذا التأويل لا يمكن إعتماده ذلك أن الفقرة الثالثة من الفصل 62 الخاصة بإعفاء أصحاب المهن الحرة المعتمدين على نظام الدخل التقديري من واجب مسك محاسبة لم يقع إلغاؤها، كما ان عنوان الفصل 63 من قانون المالية الذي نقح الفصل 62 من مجلة الضريبة على الدخل تحت عنوان "مزيد من توضيح الواجبات المحاسبية بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة حسب النظام الحقيقي".
وبالتالي فإن الفقرة الأولى من الفصل 62 الواقع تنقيحها لم تأت بالجديد بل جاءت للتأكيد على أن أصحاب المهن الحرة الخاضعين للدخل حسب النظام الحقيقي يخضعون لواجب مسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات. أما في خصوص واجب مسك دفتر المقابيض والمصاريف فإن هذا ينطبق وبصفة حصرية على المحامين الأشخاص الطبيعيين الذين يختارون النظام التقديري لضبط الربح طبقا لمقتضيات الفقرة II من الفصل 22 من مجلة الضريبة على الدخل.
ويجب أن يكون هذا الدفتر مرقما ومؤشرا عليه من طرف مكتب مراقبة الأداءات الراجع له بالنظر ترابيا المحامي. وقد رتب المشرع مخالفة جبائية جزائية جراء عدم مسك محاسبة من خلال الفصل 97 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية الذي نص على ما يلي: " يعاقب بخطية بين 100 دينار و 10.000 دينار كل شخص لم يقم بمسك المحاسبة أو الدفاتر أو السجلات المنصوص عليها بالتشريع الجبائي أو إمتنع عن تقديمها لأعوان مصالح الجباية أو قام بإتلافها قبل إنتهاء المدة القانونية المحددة لحفظها.
وفي صورة العود خلال خمسة سنوات يعاقب المخالف إذا كان خاضعا للأداء حسب النظام الحقيقي بالسجن لمدة تتراوح بين ستة عشر يوما وثلاث سنوات وبخطية تتراوح من 1000 دينار و50000 دينار."
فقرة سادسة: واجب إيداع تصريح المؤجر:
يخضع المحامي الخاضع للضريبة على الدخل سواء كان ذلك حسب النظام التقديري أو الحقيقي إلى واجب إيداع تصريح المؤجر حسب أنموذج معد من قبل الإدارة وذلك إلى حد 28 فيفري من كل سنة.